Wikipedia

نتائج البحث

لماذا اللجوء إلى إثبات التصرفات العقارية ؟

أبريل 26, 2018 اضف تعليق
مجلة المقال القانوني كل ما هو قانوني بين يديك


الاستاذ الطيب البواب
محام بهيئة الدار البيضاء.
مجلة المحاكم المغربية عدد 87، ص33


لماذا اللجوء الى اثبات التصرفات العقارية؟
انه خلال العصور الاولى لم يعرف الناس التزاحم والتنافس على امتلاك الارض واقتنائها. فارض الله واسعة جدا، وكلها في اصلها موات لا ملك لاحد عليها، ولكل امرئ ان يضع يده على ما قدر عليه منها لتصبح ملكا خاصا به وليستعمله ويستغله كما شاء.
وكانت الارض تعتبر العامل الانتاجي الطبيعي الثاني الذي يكون مع العامل الاول، عمل الانسان، العنصرين الوحيدين للانتاج، ورغم عالم الاقتصاد مع تعاقب العصور، عرف تطورا كبيرا ادى الى خلق رؤوس اموال جديدة ، فان عنصر الارض بقي حتى الان يلعب دورا مهما في الانتاج بجانب العمل والعوامل الانتاجية الاخرى.

وبعدان كانت الارض متوفرة بكثرة وفوق حاجيات سكانها، فان النمو الديموغرافي الذي اشتدت كثافته في العالم كله الى حد الانفجار، اخذ يؤدي الى تقليص مساحات الارض، وكان من نتائج ذلك ان اشتد التزاحم والتنافس على اقتنائها مما ادى الى ارتفاع قيمتها ارتفاعا شديدا في اصقاع العالم كله.
ومن طبيعة التنافس في الاشياء والتهالك عليها ان تتعارض المصالح والمنافع،فتنشا المنازعات والخصومات مما يؤدي الىالاضطراب وعدم الاستقرار في المراكز الحقوقية ويكثر عدوان الطغاة المعتدين على حقوق اخوانهم المستضعفين.
-------------------------
*) تقدم بهذه الورقة الاستاذ الطيب البواب نيابة عن السيد النقيب بمناسبة اليومين الدراسيين المنظمين من طرف الهيئة الوطنية لعدول المغرب ( 13-14 ابريل ‏2001‏)
------------------------
ولفرض نظام في مجتمع يسوده الاستقرار والاطمئنان والامن والسلام، اقيمت المؤسسات القضائية لنصرة المظلومين والضرب على ايدي الظالمين وكان منطقيا ولزاما على من يستنجد العدالة لحماية حقوقه ان يثبت لديها صحة دعواه. وقد جاء في الحديث الشريف الذي اخرجه الامام مسلم في صحيحه في كتاب الاقضية براوية ابن عباس : "لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال واموالهم…" قال فقهاؤنا الاقدمون اجمعت الامة على انه لو ادعى اتقى الناس على افجر الناس لما اعطى بدعواه حتى يقيم الدليل عليها. وعلى هذا الاصل الاصيل في تحقيق العدالة بين الناس قام المبدء المشهور، سواء في الميدان الجنائي " الاصل في الناس البراءة حتى تثبت ادانتهم "، وفي الميدان المدني " الاصل في الذمة براءتها حتى تثبت عمارتها ".

فكل حق مدعى به لا تدعمه وسائل اثباته عند قيام نزاع بشانه يعتبر عدما محضا، والادعاء به عبثا ولددا. وجميع التصرفات العقارية التي تتم بين الاحياء مجانية كانت او بعوض، لا يعتبر لها وجود عند نشوء منازعة ما بشانها الا بقيام الدليل عليها - فمن كان له حق عيني معلوم في عقار وزعم غيره انتقال ملكيته اليه فلا عبرة بزعمه اذا لم يثبت بوجه صحيح الوسيلة التي انتقلت اليه بها ملكية ذلك الحق، ولا حاجة الى مطالبة المدعى عليه باثبات استمرار ملكيته عملا بمبدا الاستصحاب الذي هو اصل من اصول الفقه والذي يوجب بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت ما يغيره.

فكيف يكون الاثبات في مجال التصرفات العقارية؟
قبل تناول صميم الموضوع ينبغي تقديم بعض التوضيحات الفقهية المتعلقة بالمصطلحات الواردة في هذا العنوان حتى تكون الاحالة على معلوم.
فالاثبات يراد به التدليل على وجود الحق المدعى به. وينصب الاثبات لا على الحق ذاته، ولكن على الواقعة المنشئة له والتي تعتبر مصدرا لوجوده. وسواء كانت هذه الواقعة تصرفا قانونيا (شراء هبة…) او واقعة قانونية (ارث وصية…) .

ويراد بالتصرفات -أي القانونية- كل تعبير عن الارادة ينتج عنه اثر قانوني، سواء كان صادرا من جانبين اثنين، وهو ما يسمى بالعقد، (بيع-هبة- رهن….) او كان صادرا من جانب واحد وهو المسمى بالارادة المنفردة (الوعد بجائزة الى الجمهور الوصية- الوقف...).

اما مصطلح العقار- والمراد هنا العقار بطبيعته - فيطلق على كل مالا يمكن نقله من مكان الى اخر ويشمل الاراضي والبنايات ما دامت متصلة بالارض والثمار التي بها، وفي الفقه الاسلامي يطلق العقار على الاراضي البيضاء والفدادين والجنات والكروم وجميع الاغراس المتصلة بالارض، اما البنايات فيطلق عليها "الرباع" (بكسر الراء، جمع ربع بفتحها) وتجمعها معا، أي الارض وما اتصل بها من بناء وغرس مصطلح "الاصول" ( جمع اصل ) .

والعقارات كلها تتعلق بها حقوق عينية عقارية. وهي على نوعين :
اصلية، وهي القائمة بذاتها من دون حاجة الى غيرها، كحق الملكية وحق الانتفاع وحق السطحية.
وتبعية، وهي كما يدل عليه اسمها، غير مستقلة بذاتها ولا قيام لها الا بالتبع لغيرها، كالرهن المستند على الدين الذي بذمة الراهن.

وقد عدد المشرع المغربي في ظهير 19 رجب عام 1333 (02/06/1915) المحدد للتشريع المطبق على العقارات الحفظة الحقوق العينية الجارية على العقارات المحفظة وحصرها في عشرة، في الفصل الثامن منه. وهي الملكية -الانتفاع- الاحباس- حقا الاستعمال والسكنى، الكراء الطويل الامد، حق السطحية -الرهن الحيازي- حقوق الارتفاقات- الامتيازات والرهون الرسمية- والحقوق العرفية الاسلامية كالجزاء والاستيجار والجلسة والزينة والهواء- وكلها حقوق عينية اصلية ما عدا ثلاثة منها تبعية وهي الرهن الحيازي والرهن الرسمي والامتيازات - وجميع هذه الحقوق العينية العقارية قابلة للتسجيل بالصكوك العقارية باستثناء حقوق الامتيازات فانها معفاة من تسجيلها به.

وسائل الاثبات في مجال التصرفات القانونية:
ان الاصل هو قبول كل وسائل الاثبات لاية واقعة مالم يقض القانون بغير ذلك.
وقد نص الفصل 404 من ق.ز.ع على ان وسائل الاثبات التي يقررها القانون هي:
1) اقرار الخصم.
2) الحجة الكتابية.
3) شهادة الشهود.
4) القرينة.
5) اليمين والنكول عنها.
ونص الفصل 401 منه على انه لا يلزم، لاثبات الالتزامات، أي شكل خاص، الا في الاحوال التي يقرر القانون فيها شكلا معينا. واذا قرر شكلا معينا لم يسغ اجراء اثبات الالتزام اوالتصرف بشكل اخر يخالفه الا في الاحوال التي يستثنيها القانون. وترك المشروع في اخر الفصل المذكور الحرية المطلقة للمتعاقدين، اذا لم يكن العقد خاضعا لشكل خاص، في ان يتفقا صراحة على انهما لا يعتبرانه تاما الا اذا وقع في شكل معين، فيكون العمل على ما اتفقا عليه .
وهذه المقتضيات تتفق مع الاحكام الواردة في الفقه الاسلامي .

ويستنتج مما سبق ان وسائل الاثبات لا تعتبر من النظام العام ما دام المتعاقدون يتمتعون بكامل الحرية في الاتفاق على شكل معين للعقد الذي يريدون ابرامه.
وبالنسبة لوسائل الاثبات في مجال التصرفات العقارية فانها تتفق احيانا وتختلف اخرى حسب كون العقار المراد اثبات التصرف في الحق المتعلق به محفظا او غير محفظ.

اولا - بالنسبة للعقار غير المحفظ:
من المعلوم ان العقارات غيرالمحفظة تجري عليها احكام الفقه الاسلامي، وبالاخص المذهب المالكي الجاري به العمل بالمغرب، بل انها تجري حتى على العقارات المحفظة ما لم تتعارض مع احكام ظهير 12/08/1913 الخاص بالتحفيظ العقاري واحكام ظهير 02/06/1915 المتضمن للتشريع المطبق على العقارات المحفظة، وغيرها من المقتضيات المتعلقة بالعقارات المحفظة - (الفصل 106 من ظهير التحفيظ العقاري) .
وحسب الفقه الاسلامي فان التصرفات العقارية يمكن اثباتها:
1) بالكتابة التي تحرر بها الرسوم العدلية، أي باشهاد اصلي من المتعاقدين على عدلين اثنين، ويقود الموثقين، والعقود العرفية المشهود بصحة امضاءاتها من طرف السلطات المسؤولة عن ذلك والاوراق التي تتضمن اقرارا بحق.
2) وبشهادة الشهود-أي الشهادات الاسترعائية - واقل عددهم اثنا عشر، وهو النصاب المحدد في شهادة غير العدول.
3) وبالاقرار القضائي
4) وباليمين المتممة للنصاب او يمين النكول.

ونقتصر حديثنا على الاثبات بالكتابة والشهود نظرا لاهميتها القصوى، واحتراما للوقت المحدد للمتدخلين.
- الاثبات بواسطة الكتابة :
ان الاثبات بالكتابة، سواء كانت في شكل اشهاد عدلي، او في شكل محرر موثق، او في شكل عقد عرفي، او في شكل اقرار يعد في اعلى مراتب الاثبات .
يقول الاستاذ السنهوري في كتابه الوسيط في شرح القانون المدني، الجزء الثاني، الصفحة 103، الفقرة65 :
" ان طرق الاثبات تنقسم الى طرق ذات قوة مطلقة وطرق ذات قوة محدودة" وطرق معفية من الاثبات".

" اما الطرق ذات القوة المطلقة في الاثبات فهي الطرق التي تصلح لاثبات جميع "الوقائع سواء كانت وقائع مادية او تصرفات قانونية، وايا كانت قيمة الحق المراد اثباته. ولا يوجد "من الطرق التي تعالجها ما هو ذو قوة مطلقة في الاثبات على هذا النحو الا الكتابة، فهي تصلح "لاثبات جميع الوقائع المادية وجميع التصرفات القانونية مهما بلغت قيمة الحق.

" والطرق ذات القوة المحدودة في الاثبات هي الطرق التي تصلح لاثبات بعض الوقائع "القانونية دون بعض. فهي اذن محدودة القوة. وهذه هي البينة والقرائن القضائية، اذ هي "لا تصلح لاثبات التصرفات القانونية اذا زادت قيمتها على عشر جنيهات الا في حالات استثنائية" معينة. وكذلك اليمين المتممة طريق للاثبات ذات قوة محدودة. فهي لا تصلح الا لاتمام "دليل ناقص.

"والطرق المعفية من الاثبات هي الاقرار- أي اقرار الخصم- واليمين الحاسمة"والقرائن القانونية. ولما كانت هذه الطرق تعفي من الاثبات فهي تصلح للاعفاء من اثبات اية "واقعة مادية او أي تصرف قانوني مهما بلغت قيمته، وهي من هذه الناحية ذات قوة مطلقة".

واعتبارا للمزية الكبرى التي تحظى بها الكتابة جاء في كتاب الله المجيد الحض على توثيق الحقوق بها واشهاد العدول عليها، وذلك في الاية الكريمة 281 من سورة البقرة التي تضمنت الامر الصريح بتوثيق الديون والبيوعات يقول الله تعالى :
( يا ايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه، وليكتب بينكم كاتب بالعدل ، ولا ياب كاتب ان يكتب، كما علمه الله فليكتب، وليملل الذي عليه الحق، وليتق الله ربه، ولا يبخس منه شيئا. فان كان الذي عليه الحق سفيها او ضعيفا او لا يستطيع ان يمل هو فليملل وليه بالعدل، واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فان لم يكونا رجلين فرجل وامراتان ممن ترضون من الشهداء ان تضل احداهما فتذكر احداهما الاخرى. ولا ياب الشهداء اذا ما دعوا، ولا تسئموا ان تكتبوهم صغيرا او كبيرا الى اجله، ذلكم اقسط عند الله، واقوم للشهادة، وادنى ان لا ترتابوا ، الا ان تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ان لا تكتبوها. واشهدوا اذا تبايعتم، ولا يضار كاتب ولا شهيد، وان تفعلوا فانه فسوق بكم، واتقوا الله، ويعلمكم الله ، والله بكل شيء عليهم).

وجاء في الاية الثانية من سورة الطلاق ( واشهدوا ذوي عدل منكم ).
وقد قام الخلاف بين الفقهاء في الامر الوارد في قوله تعالى (فاكتبوه) وقوله (واشهدوا اذا تبايعتم) في الاية281 من سورة البقرة السابقة الذكر فكثير من الفقهاء قالوا بالوجوب اخذا بصيغة الامر الدال عليه، وهو الاصل فيه. غير ان الجمهور، ومنهم المالكية، ذهبوا الى القول بانه للندب والارشاد فقط، اذ في ايجاب الكتابة والاشهاد مشقة عظيمة على المتعاقدين ، لان المعاملات كثيرة جدا، وفي كل يوم، فايجاب الكتابة عليهم فيما يتعاملون فيه والاشهاد به على ذوي العدل، فيه حرج شديد لا يطاق، ومن شانه ان يعرقل نشاط الناس في معاملتهم، ويعطل اعمال تجارتهم. والشريعة الاسلامية مبنية على التيسير، ولا على التشديد والتعسير.
والعمل الجاري في المغرب المتمذهب بالمذهب المالكي، ان الاثبات بالكتابة للتصرفات في العقار غير المحفظ غير واجب. فكما يكون التدليل على وجودها بالكتابة يصح ان يكون ايضا بشهادة الشهود، وهو ما يسمى بالبينة الشرعية.

الاثبات بواسطة الشهود
رغم ان قاعدة الاثبات بواسطة الشهود تعتبر قاعدة عامة معمولا بها في الفقه الاسلامي، فانه قد وردت نصوص فقهية، تحد من تطبيقها في مجال التصرفات العقارية، وبالاخص في المجتمعات التي يتوفر فيها العدول، وجرت العادة بان يلتجئ اليهم غالبية الناس لتوثيق حقوقهم وكتب عقودهم،لا سيما اذا كانت تكتسي اهمية كبرى عندهم، كعقود بيع العقارات والرهون العقارية واجراء المقاسمة في العقارات المشتركة.
فقد نص غير واحد من الفقهاء على ان شهادة اللفيف لا يلجا اليها فيما يخص المعاملات الا عندما تدعو اليها الضرورة التي يجب بيانها، وان العدول عن العدول المتوفرين في مكان الواقعة القانونية واللجوء الى الاثبات بواسطة اللفيف يعد ريبة في شهادتهم توجب ابعادها وعدم العمل بها.

وهذا ما اكده المجلس الاعلى في قراره الصادر بتاريخ 04/12/1992 والذي جاء فيه :
"ان الامر يتعلق ببيع عقار وان كان غير محفظ فانه يخضع في الجوهر لاحكام الفقه " المالكي التي تقرر، كما اشارالى ذلك الشيخ ميارة ، انه حتى بالنسبة لشهادة اللفيف، فانه لا يلجا "اليها فيما يخص المعاملات الا عندما تدعو الى ذلك الضرورة التي وجب توضيحها. ولذلك فان المحكمة عندما بتت في النازلة على النحو المذكور -قضت بصحة بيع عقار بناء على شهادة عدل "واحد شهادة غير مكتوبة مع اليمين المتممة للنصاب - رغم انكار البائعات لعملية البيع وعدم "وجود محرر كتابي يثبت انعقاده بين طرفيه، تكون قد خرقت القانون وعرضت قرارها للنقض" (مجلة قضاء المجلس الاعلى -العدد 46- الصفحات 32-33-34).

ان هذا القرار الصادر من المجلس الاعلى يعد تراجعا منه عن قرارات صادرة قبله تتضمن اعمال شهادة اللفيف واعتمادها في اثبات التصرفات العقارية بالنسبة للعقارات غير المحفظة. وهو تراجع جد محمود.
وقد حذر كثير من اكابر الشيوخ من قبول شهادة اللفيف الذين يتجرؤون على الشهادة بما لا يعلمون، ويساند بعضهم بعضا، لقاء دريهمات يبيعون بها دينهم وضمائرهم.
جاء في شرح الوازلي الشهير بسيدي المهدي الوزاني للعمل الفاسي لدى قوله : (بينة اللفيف منها بادية فيها كفى استفسارها عن تزكية ) -الجزء الثاني - الصفحة 94-انه سميت شهادتهم بشهادة اللفيف لا نها تجمع من يصلح للشهادة ومن لا يصلح لها من اخلاط الناس.

ونقل عن بعض الشيوخ: ادركنا الكبار من اشياخا منعوا من قبول شهادة اللفيف في المعاملات فضلا عن الانكحة، حتى اشتكى الناس ضياع الاموال والحقوق فانتقلوا الى جوازها فيما يتفق حدوثه دون ان يحضره عدول فيضطر الى اللفيف اداء، كما يضطر الى شهادتهم تحملا في بلد لا عدول فيه ليلا تهدر دماء وتضيع حقوق.
ونقل عن الشيخ التاودي ان بعض الناس احتاج الى اقامة بينة فاقامها بست اوراق في ساعة واحدة.
وكان بعض القضاة لا يعملون بشهادة اللفيف الا بعد تحليفهم كما اشار اليه في ا لعمل الفاسي بقوله:

وحلف ابن سودة الشهودا من اللفيف لفجور زيدا

وذلك من باب "تحدث للناس اقضية بقدر ما احدثوا من الفجور".
ومما تجدر ملاحظته ان العمل الجاري حاليا بمحاكمنا هو اعتمادها شهادة اللفيف وقضاؤها بها دون ادائهم اليمين القانونية ، رغم ان قانون المسطرة المدنية نص في الفصل 76 على وجوب اداء الشهود لليمين على قول الحقيقة، وهو اجراء يعد من النظام العام.

وحبذا لوان المشرع المغربي، اعتمادا على ما نص عليه كثير من الشيوخ الكبار والفقهاء المعتمدين من فساد العمل بشهادة اللفيف التي ضاعت بها كثير من الحقوق، منعها من اثبات التصرفات العقارية بالنسبة للعقارات غير المحفظة كما منعها بالنسبة للعقارات المحفظة، وكما منعها في اثبات عقود الانكحة في الفصل 5 من مدونة الاحوال الشخصية، وان رخص في قبولها بصفة استثنائية. وكما منعها ايضا في اثبات ما تزيد قيمته على 250 درهما كما جاء في الفصل 443 من ق. م. ز. ع. ولئن فعل، وهذا ما يرجوه ويؤمله ويتطلع اليه كثير من رجال القضاء والفقه والقانون، فسيقضي على فساد كبير، وينقد كثيرا من الحقوق ومن وبال خطير، وشر مستطير، ويقدم خدمة جلية للعدالة التي عانت وتعاني الكثير من شهادة اللفيف.

ثانيا- بالنسبة للعقار المحفظ :
جاء في الفصل 489 من ق.ز.ع :
"اذا كان المبيع عقارا او حقوقا عقارية او اشياء اخرى يمكن رهنها رهنا رسميا" وجب ان يجري البيع كتابة في محرر ثابت التاريخ. ولا يكون له اثر في مواجهة الغير الا اذا سجل "في الشكل المحدد بمقتضى القانون".
وبمقتضى هذا النص الصريح فاثبات التصرفات في عقار محفظ لا يكون الا بواسطة محرر مكتوب ولا تقبل شهادة الشهود، أي البينة باللفيف الذي سبق الحديث عنها.
كما جاء نص صريح خاص بالرهن الحيازي يوجب الكتابة في عقده، وذلك في الفصل 100 من ظهير 02/06/1915 المحدد للتشريع المطبق على العقارات المحفظة والذي : "لايقرر الرهن الحيازي الا بعقد كتابي…"

كما جاء ايضا نص صريح خاص بوجوب كتابة عقد انشاء الشركة التي يكون محلها عقارات او اموال يمكن رهنها رهنا رسميا. وذلك في الفصل 987 من ق.ز.ع الذي يقول :
"تعقد الشركة بتراضي اطرافها على انشائها وعلى شروط العقد الاخرى مع استثناء"الحالات التي يتطلب القانون فيها شكلا خاصا. الا انه اذا كان محل الشركة عقارات اوغيرها من "الاموال مما يمكن رهنه رهنا رسميا وابرمت لتستمر اكثر من ثلاث سنوات وجب ان يحرر "العقد كتابة…".

وهكذا نرى ان العقود التي يجب كتابتها تحتاج الى نص خاص لان الاصل في العقود الرضائية كما جاء في الفصل 401 من ق.ز.ع الذي يقول :
"لا يلزم، لاثبات الالتزامات، أي شكل خاص، الا في الاحوال التي قرر القانون فيها شكلا معينا".
وقد سبقت الاشارة الى ان المشرع خول للاشخاص التشارط على جعل تصرفاتهم خاضعة لشكلية خاصة لا تتم الا بها كما جاء في الفصل402 من ق.ز.ع الذي يقول:
"اذا لم يكن العقد خاضعا لشكل خاص واتفق عاقداه صراحة على انهما لا يعتبرانه تاما" الا اذا وقع في شكل معين فان الالتزام لا يكون موجودا الا اذا حصل في الشكل الذي اتفق "عليه المتعاقدان".
وهكذا تكون شكلية العقود بنص قانوني، كما تكون بارادة واتفاق الاطراف المتعاقدين، عملا بقاعدة "العقد شريعة المتعاقدين" .

وينبغي بيان ان الكتابة قد تكون مشروطة لوجود التصرف وانعقاد العقد وقيامه، كما تقيده النصوص المذكورة اعلاه، وقد تكون مشروطة لاثباته فقط، كما في بيع السلم الذي يقول الفصل 613 من ق.ز.ع بشانه : "ولا يجوز اثبات بيع السلم الا بالكتابة".
فالعقد هنا رضائي ولكن الشكلية تتعلق فقط باثباته.
وبناء على ما تقدم فانه لا يسوغ اثبات التصرفات المتعلقة بعقارات محفظة بواسطة الشهود عملا بمقتضيات الفصل 401 من ق.ز.ع الذي يقول :
"اذا قرر القانون شكلا معينا لم يسغ اثبات الالتزام اوالتصرف بشكل اخر يخالفه الا في" الاحوال التي يستثنيها القانون".

والكتابة في عقود التصرفات العقارية يمكن ان تكون في ورقة رسمية كما حددها الفصل 418 من ق.ز.ع كما يمكن ان تكون في مجرد ورقة عرفية مصححة الامضاء المشار اليها في الفصل 424 من نفس القانون.




واذا كان كل من الورقة الرسمية والورقة العرفية يؤدي الى نفس الغاية المقصودة منهما فانه مع ذلك تمتاز الورقة الرسمية عن الورقة العرفية بامتيازات، اهمها انها اكثر ضمانا لحقوق اطرافها لانه لا يمكن الطعن فيها الا بالزور (الفصل 419 من ق.ز.ع) بخلاف الورقة العرفية التي يمكن لاطرافها ادعاء خلاف ما جاء فيها بسبب اميتهم وجهلهم بما تضمنته، كما يفيده الفصل 427 من ق.ز.ع الذي جاء فيه:
"المحررات المتضمنة لالتزامات اشخاص اميين لا تكون لها قيمة الا اذا تلقاها موثقون" او موظفون عموميون ماذون لهم بذلك".
وكما يفيده ايضا الفصل432 من نفس القانون الذي جاء فيه:
"اعتراف الخصم بخطه او بتوقيعه لا يفقده حق الطعن في الورقة بما عساه ان يكون "له من وسائل الطعن الاخرى المتعلقة بالموضوع او الشكل" .

ومن جهة اخرى، فانه اذا كانت بعض العقود العرفية، وبالاخص المتضمنة لتصرفات متعلقة بعقارات محفظة او غير محفظة، محررة تحريرا سليما من طرف اشخاص ذوي معرفة وخبرة ممن بسمون بالكتاب العموميين، فان كثيرا منها تحرر من طرف اشخاص منهم شبه اميين فتاتي معيبة شكلا وموضوعا، ولا تكاد تعثر فيها على جملة صحيحة مستقيمة ومفيدة، الشيء الذي يضر بحقوق المتعاقدين، ويعرضها للمنازعة فيها امام المحاكم لتفسير مضامينها ومقاصدها وبيان المراد من مبانيها.

وانه، حفاظا على حقوق المتعاقدين، يتعين على المسؤولين النظر بجدية في هذه الوضعية الماساوية التي طالما وقع لفت النظر اليها والتنبيه عليه من طرف رجال القانون.
واخيرا فان مهنة التوثيق تكتسي اهمية بالغة في حفظ الاموال وصون الاعراض وتنظيم الجماعة ومساعدة العدالة. ومن ثم ، فان اهل التوثيق الذين يحظون بشرف امتهان هذه المهنة السامية يتحملون امانة عظمى في اداء المهمة التي يضطلعون بها. والله ولي التوفيق.
نظام الملكية المشتركة وفق قانون 106.12 المعدل لقانون 18.00

نظام الملكية المشتركة وفق قانون 106.12 المعدل لقانون 18.00

أبريل 24, 2018 1 تعليق
بقلم الباحث : وئيل العياط

 

باحث في مجال العقار و التعمير

باحث بسلك الدكتوراه - قانون خاص


الأحكام الخاصة لنظام الملكية المشتركة


 

مقدمة

 

السكن هو ذلك المأوى الذي ينعم فيه الإنسان بالأمان و الراحة و الخصوصية و يقيه من البرد و المطر و الحر , و يمكن القول إن الحق في السكن هو قرين الحق في الحياة , فالشخص الذي لا مأوى له يحميه هو و أسرته يبقى مهددا في حياته و في ماله و في صحته . فالحق في السكن أحد العناصر الأساسية للكرامة الإنسانية , و هو حق لقي اعترافا واسعا في عدد من الصكوك الدولية و الإقليمية و القوانين الوطنية , و قد أشار المشرع المغربي من خلال الفصل 31 من الدستور إلى استفادة المواطنين و المواطنات على قدم المساواة من الحف في السكن اللائق . و لقد أوجد النمو الديموغرافي و الهجرة إلى المدن الصناعية الأوروبية في بداية القرن الماضي نمطا جديدا من البنايات العمرانية حيث انتقل الشكل العمراني للبناء الأفقي إلى البناء العمودي بهدف تقليص من الاكتساح العمراني للأراضي الزراعية و لأجل تأمين مسكن لذوي الدخل المحدود . و مع ازدياد النمو الديموغرافي ظهر نوع جديد من البنايات أطلق عليها في فرنسا مصطلح الملكية المشتركة نظمها بقانون 28 يونيو 1938 المعدل بقانون 10 يوليوز 1965 . هذا القانون سيرى تطبيقه بالمغرب في الأحياء الأوروبية على المعمرين فتم إصدار ظهير 16 نونبر 1946 الذي نسخ بموجب القانون رقم 18.00 سنة 2003 يعتبر ظهير 3 أكتوبر 2002 المنظم للملكية المشتركة للعقارات المبنية تتويجا لتطور واقعي و تشريعي اجتازته هذه المؤسسة لتجاوز النواقص التي طالت ظهير 1946 . هذا القانون قد جاء في مجمله بقواعد قانونية عامة منظمة للملكية المشتركة و قواعد أخرى خاصة و التي هي موضوع دراستنا في هذا العرض التي خصص لها المشرع بــــــــــابا خاصا هو الباب الخامس من قانون 18.00 المعدل و المغير بقانون 106.12 المعنون بـــ "مقتضيــــــــات خاصة تتعلق بالعقارات المحفظة " و نظمها المشرع من الفصل 49 إلى الفصل 59 نظرا لأهمية هاته الأحكام في ضبط المعاملات التي يكون محلها العقار المحفظ المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية كما له أهمية كبرى على المستوى العملي التطبيقي للحد من الإشكاليات التي كانت تطرحها القوانين السابقة في تقنينها لهذا النمط من السكن الاجتماعي. 

 و يظهر من خلال هذه الأهمية التي حاول المشرع المغربي على غرار نظيره الفرنسي من تحديد فلسفة عامة تتمحور أساسا في تدعيم الحقوق و الضمانات المخولة للملاك المشتركين , وفق نظام يستوعب كل البيانات التي تعبد الطريق, نحو حياة يطبعها روح التفاهم بين الملاك خصوصا إذا تعلق الأمر بعقارات محفظة أو في طور التحفيظ و انتهى أجل التعرض بشأنها . و هي معادلة تحاول التوفيق بين هاتين المصلحتين و إن كان التوازن المنشود صعب المنال و انطلاقا مما سبق و استنادا على المقتضيات التي تعد بمثابة الأحكام الخاصة في قانون الملكية المشتركة تثور مجموعة من الإشكالات نطرح بعضها .

 ما هي البيانات الواردة في ملف الملكية المشتركة ؟ ما مدى خصوصية تأسيس الرسوم العقارية في نظام الملكية المشتركة ؟ و ما هي أهم التصرفات و العمليات الواقعة على الملكية المشتركة و كيفية تحرير العقود الواردة عليها ؟ 

من خلال مقاربة هذه الإشكالات المطروحة سنعتمد على الهيكلة التصميمية الآتية :

 المبحث الأول: الأحكام الخاصة في المرحلة السابقة لتأسيس الرسم العقاري في ظل قانون الملكية المشتركة

 المطلب الأول: إعداد ملف الملكية المشتركة

 المطلب الثاني: تأسيس الرسم العقاري في قانون الملكية المشتركة

 المبحث الثاني: الأحكام الخاصة في المرحلة اللاحقة لتأسيس الرسوم العقارية

 المطلب الأول: التصرفات و العمليات الواردة على العقار 

 المطلب الثاني: تحرير العقود في قانون الملكية المشتركة



 المبحث الأول: الأحكام الخاصة في المرحلة السابقة لتأسيس الرسم العقاري في ظل قانون الملكية المشتركة إن تسيير و تدبير الملكية المشتركة عندما يتعلق الأمر بعقارات محفظة يتطلب نظاما قانونيا(المطلب الأول ) يوازي أهميتها و تعدد أجزائها الخاصة و المشتركة و تعدد ملاكها و نوع التخصيص الذي أنشأت من أجله كما أن نظام الإدارة يجب أن ينبني على أسس قانونية و مادية و أخرى بشرية تكفل لهذه المؤسسة القانونية الوجود الصحيح من الناحية الإجرائية و لعل هذا ما يبرز في تأسيس رسم عقاري وفق أحكام خاصة(المطلب الثاني)

 المطلب الأول: إعداد ملف الملكية المشتركة يشكل إعداد هذا الملف التقني مرحلة مهمة في عملية إفراز الرسوم العقارية و على أساسه يتم تحديد الأجزاء المشاعة و الأجزاء المفرزة ـ كما أنه يتضمن نظام الملكية المشتركة ، و أيضا جميع التصاميم المتعلقة بالبناء و إعداد ملف الملكية المشتركة يتعين إيداعه طبقا للدورية 380 الصادرة عن المحافظ العام التي تؤكد فيما على المحافظين على الملكية العقارية و مصالح المسح العقاري بضرورة أخذ مجموعة من الاحتياطات بشأنها ، و في هذا الصدد المهندس الطبوغرافي هو المسؤول و هو الذي يسهر على هذا الجانب التقني من النظام و الذي يشكل أساس تطبيق كثير من الأحكام في المراحل اللاحقة خصوصا إذا علمنا أن المهندس المساح الطبوغرافي يختص بإعداد الدراسات و العمليات و التصاميم و الوثائق و الخرائط الطبوغرافية و تحديد العقارات ...في الميدان العقاري و الملكية المشتركة و التجزئات و يتعين أن يسود التطابق بين مختلف السندات و الوثائق المكونة للملف التقني , بحيث يجب أن تكون المقاييس الموجودة على التصاميم هي ذاتها المذكورة في هذا الملف و نخص بالذكر الجدول التفصيلي للتقسيم و الوارد ضمن مقتضيات نظام الملكية المشتركة كما يجب أن تكون هذه المقاييس و الأغراض التي أعد لها البناء و ما يترتب عن ذلك من تفاصيل مطابقة لواقع العقار من الناحية القانونية و المادية لمحاضر المعاينة و المراقبة . و يشتمل هذا الملف التقني على الوثائق الآتية : - نظام الملكية المشتركة الذي يتم إعداده من قبل جهات معينة و تولى المشرع المغربي في المادة 8 من القانون رقم 18.00 بيان الأشخاص الذين يمكنهم وضع نظام الملكية المشتركة والمتمثلين في المنعش العقاري والملاك المشتركين ويمكن كذلك في غياب نظام الملكية المشتركة لوضع نظام نموذجي هكذا يلاحظ أن المشرع لم يجعل إعداد نظام الملكية المشتركة حكرا على جهة واحدة و إنما عدده على جهات مختلفة . و ن.م.م يتأتى مقسما غلى قسمين : القسم الأول : نظام .م.م بمفهومه الضيق و يهتم بتحديد حقوق و التزامات الملاك المشتركين و تنظيم التدبير الجماعي للعقار. القسم الثاني : ن.م.م. بمفهومه الواسع و هو يشمل حتى الحالة الوصفية للشيوع و هو يهتم بتحديد الشروط الإلزامية المنصوص عليها في المادة 51 من قانون 18.00 المعدل بمقتضاه قانون 106.12 و التي حرصت الدورية السالفة الذكر إعادة التذكير بها مع ترتيبها في أربعة أجزاء جامعة مانعة لكل البيانات المطلوبة و التي تتمثل أساسا في ديباجة تبين : - وصف العقار و مراجعه العقارية ( موقعه , مساحته , الأبنية المشيدة ....) - إعراب المالك نيته في تقسيم العقار إلى طبقات أو شقق أو محلات و الاحتكام لنظام الملكية المشتركة و تقييده في السجل العقاري . - وصف مختصر لتقسيم العقار و بيان مختلف الأجزاء المفرزة و المشتركة التي يتكون منها كل مستوى من حيث المساحة و العلو و التخصيص - جدول يبين الحصة المشاعة المرتبطة بكل جزء مفرز - الجزء التنظيمي و الذي يعتبر ميثاقا جماعيا يعنى بتنظيم الحياة في إطار الملكية المشتركة كما يسهر من ناحية أخرى على السير العادي للحياة اليومية للعقار المشترك لتكون بذلك هذه النتيجة هي التي توضح الطابع الإلزامي التي أتت به المادة 09 من القانون المذكور لأنه يضم لأهم قواعد التسيير و الإدارة ويعتبر نظام الملكية المشتركة الوثيقة الهادفة إلى إحلال نوع من التوازن بين المصالح الفردية للملاك المشتركين وبين المصالح الجماعية للملكية المشتركة, حيث أورد له الفقه عدة تعريفات لعل أهمها تعريف الأستاذ مصطفى أشيبان الذي يعتبره بمثابة الميثاق الجماعي لملاك الشقق والطبقات والمحلات وعليهم احترام مقتضياته بغض النظر عن مشاركتهم أو عدم مشاركتهم في وضعه. و تضيف الدورية على أنه في حالة الإقامات و المجمعات العقارية يعطى لكل عمارة أو عقار حرف أو اسم و يخضع كل عقار أو عمارة لنفس الشروط أعلاه مع ضرورة توفر نظام وحيد للملكية المشتركة . بل أكثر من ذلك هناك من الفقه الفرنسي من وصفه بالدستور الذي يتعين أن تحترم قواعده من قبل الجمع العام ووكيل الاتحاد. و تضيف الدورية أعلاه تماشيا مع توسيع نطاق العقارات التي يمكن أن تكون محلا لنظام الملكية . م كما نصت على ذلك المادة الأولى من قانون 106.12 أنه في حالة الإقامات و المجمعات العقارية , يعطى لكل عمارة أو عقار حرف أو اسم ,و يخضع كل عقار أو عمارة لنفس الشروط المبينة سابقا مع ضرورة توفر نظام وحيد للملكية المشتركة , و في هذه الحالة يتعين إحداث مجلس الاتحاد طبقا للمادة 9 من نفس القانون . و يتضمن كل جزء مفرز حصتين , الحصص الشائعة التي تنوبه في العمارة أو البناية الموجودة فيها , و الحصص الشائعة المتعلقة بالإقامة أو المجمع العقاري , و يتم وصف الأجزاء المشتركة لهذه الإقامة أو المجمع العقاري بالمحضر الوصفي للتقسيم و بنظام الملكية المشتركة. و تجدر الإشارة أنه بالرغم مما قيل فإنه لا يمكن حصر البنود التي ينبغي أن يتضمنها ن. م. م. على اعتبار أن ما يرغب فيه ملاك عمارة قد لا يرغب فيه ملاك عمارة أخرى تبعا لتأثير مجموعة من العوامل في سنه سواء كانت ثقافية أو اجتماعية ... و تأسيسا على ما سبق هناك بعض البنود التي تعتبر باطلة إذا ما تضمنها ن .م . م منها تقييد حرية المالك في نظام الملكية بعدم قابلية بيع جزئه الخاص أو النص على عدم إمكانية بيع الأجزاء المشاعة و هذه الأخيرة تعتبر تابعة للملكية الخاصة كذلك لا سبيل على إمكانية التزام الشريك ببيع ملكه أو جزئه في حالة عدم احترامه ل ن.م .م كما تعتبر باطلة البنود التي تمنع على المالك الشريك في حالة إذا لم يؤد ما ينوبه في التحملات من الانضمام إلى اتحاد الملاك أو مجلس الاتحاد . و غيرها من البنود التي يمكن تكون سببا في عدم الوصول إلى الهدف الذي توخاه المشرع من خلال إقرار ن .م.م و إعطائها طابعا مكملا لفتح المجال أمام اتفاقات الملاك المشتركين . و على غرار الجانب التقني التي يلعب فيه المهندس الطبوغرافي المساح دورا بارزا هنـــاك جانب قانوني لا يقل أهمية لكونه يعنى بتنظيم الملكية المشتركة سواء فيما يخص تحديد الحقوق و الالتزامات لكافة الملاك أو تحديد معايير تعيين وكيل الاتحاد و أعضاء مجلس الاتحاد و انتهاء مهامهم , و كذلك قواعد تسيير و إدارة الجموع العامة العادية و الاستثنائية كما يحدد الجانب التنظيمي و بصفة عامة كل ما لا يدخل في الجانب التقني فهو جانب قانوني للملكية المشتركة . وتجدر الإشارة إلى أن طبيعة هذا النظام هي محل نقاش فقهي,حيث يعتبره البعض أنه ذو طبيعة تعاقدية أي وليد إرادة المتعاقدين استنادا للمادة 8 من قانون 18.00 , بينما يرى البعض الأخر أن له طابع نظامي تأسيسي في مواجهة أصحاب الحقوق في العقار المشترك كالمشترين المستقبليين لكن ينبغي عدم الخلط بين نظام الملكية المشتركة وقانون الملكية المشتركة، هذا الأخير الذي تضعه الجهة المعنية بسن القانون. المطلب الثاني: تأسيس الرسم العقاري في قانون الملكية المشتركة حسب المادة 49 من قانون 18.00 المعدل بمقتضى قانون 106,12 فإنه في حالة تقسيم عقار إلى طبقات أو شقق أو محلات , يؤسس عن طريق الاقتطاع من الرسم العقاري الأصلي رسم عقاري مستقل لكل جزء مفرز 1 , وهو ما تم تأكيده من طرف المادة المذكورة سلفا بالقول " يؤسس المحافظ على الأملاك العقارية رسما عقاريا مستقلا يتكون من الجزء المفرز مع الحصة المرتبطة به من الأجزاء المشتركة , ويشار فيه كذلك إلى البنود الأساسية لنظام الملكية المشتركة. وبالتالي فإن -كما ذهب إلى ذلك الأستاذ محمد الوكاري-إخضاع العقارات المحفظة المبنية, لقانون الملكية المشتركة يفضي إلى تأسيس رسم عقاري أصلي و رسوم فرعية مستقلة لكل جزء مفرز . وتأسيس الرسوم العقارية تنطلق مع تدخل مصلحة المسح العقاري ليأتي بعد ذلك الدور على المحافظ على الملكية العقارية في تأسيس الرسوم العقارية. فبالنسبة لدور مصلحة المسح العقاري فإنه عند إيداع ملف الملكية المشتركة تقوم مصلحة المسح العقاري بالتأكد من وجود الرسم العقاري ومن كون التصميم قد أحيل على مصالح المحافظة على الأملاك العقارية , و إلا فإن هذه المصلحة تقوم في نفس الوقت بعمليات وضع تصميم للوعاء العقاري و للملكية المشتركة. وتشمل عملية مراقبة و فحص الملكية المشتركة: -فحص المحضر الوصفي لتقسيم الأجزاء المفرزة و المشتركة , والغرض المخصصة له و مساحتها إلى غير ذلك ... -فحص مطابقة التصاميم مع وضعية الأماكن (عدد الطبقات , عدد الأجزاء المفرزة ...) -زيارة ميدانية لكل جزء مفرز أو مشترك. -فحص أرقام المساحة (على أن الفرق المقبول بالنسبة لقياس الفحص المنجز يجب أن لا يتعدى خمس سنتمترات). ويمكن عند الاقتضاء إجراء فحص لمحضر وضع الأنصاب و الإحداث (من حيث مراقبة مطابقة حدود العقار ...) . مع الإشارة إلى أن حدود البناء يتعين أن تطابق حدود الملكية على أن لا يتجاوز الفرق بينهما عشرة سنتيمترات . و عليه فإن الملاحظ أن ملف الملكية المشتركة يخضع لعملية مراقبة و فحص ميداني دقيق , يقوم على إجراء القياسات و تحديد جميع أجزاء العقار المشترك , و مدى مطابقة التصاميم الطبوغرافية لحالة البناء بعين المكان . و تعزيزا لهذه المكاسب فإن المذكرة التي وجهت من المدير العام للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية إلى المحافظين على الأملاك العقارية و رؤساء مصالح المسح العقاري و جاءت لتذكرهم بضرورة الالتزام بالقواعد التالية : "...- وجوب التطابق التام بين التصاميم الطبوغرافية و حالة البناء بعين المكان حيث لا ينبغي التساهل إطلاقا مع حالات عدم التطابق لأن التصاميم الطبوغرافية تتخذ كأساس لإنشاء الرسوم العقارية الفرعية . وتصبح لها حجية تجاه الكافة . -وجوب التطابق بين التصاميم الطبوغرافية , و التصاميم المعمارية المصادق عليها بدون تغيير ورخص البناء المسلمة , وذلك فيما يخص علو البناء المرخص به , و المساحة المباح بناؤها , وعدد الأجزاء المفرزة المسموح بها في كل مستوى من البناء , و الغرض المخصص له كل جزء . (مسكن. محل تجاري..) , فإن تبين وجود اختلاف فيما ذكر بين التصاميم الطبوغرافية و التصاميم المعمارية المصادق عليها بدون تغيير , فإنه يتعين الإدلاء بتصاميم معمارية تعديلية مصادق عليها من طرف المجلس الجماعي المختص . مع العلم أنه لا يمكن في هذه الحالات الاستعاضة برخصة السكن عن التصميم المعماري التعديلي .أما إذا كان الاختلاف واقعا داخل حدود الجزء المفرز فقط (تغيير مكان المطبخ , إسقاط جدار فاصل بين غرفتين ...) , فإنه يمكن التجاوز عنه . أما فيما يخص تقسيم البناء إلى أجزاء مفرزة و أجزاء مشتركة , فنلفت انتباهكم إلى مقتضيات المادة 10 من القانون رقم 18.00 التي توجب إرفاق ن.م.م بالتصاميم المعمارية و التصاميم الطبوغرافية المصادق عليها التي تحدد الأجزاء المفرزة و الأجزاء المشتركة , و لهذا يجب أن تتضمن التصاميم الطبوغرافية و ن.م.م المدلى بهما للمحافظين على الأملاك العقارية قائمة تعين الأجزاء المفرزة و الأجزاء المشتركة من البناء المقسم , و يجب أن تحمل قائمة التوزيع المذكورة مصادقة المجلس الجماعي المختص ...... و بعد هذه الأعمال و التصرفات التي تقوم بها مصلحة المسح العقاري و في حالة قبول ملف الملكية المشتركة يتعين عليها (أي مصلحة المسح العقاري ) أن تسلم للمعني بالأمر أو وكيله الوثائق التالية التي تحمل تأشيرة رئيس هذه المصلحة : -توصيل إيداع ملف الملكية المشتركة و الإحداث عند الاقتضاء - نظام الملكية المشتركة - المحضر الوصفي للتقسيم - نسختان من التصاميم الطبوغرافية لكل جزء مفرز - نسختان من التصاميم الطبوغرافية لكل طبقة بما في ذلك السطح - محضر وضع الأنصاب مع نسختين للتصاميم المتعلقة بالأحداث عند الاقتضاء أما بالنسبة لدور المحافظ على الأملاك العقارية . فإنه لابد من الإشارة في الأول على أنه وبعدما يتأكد المحافظ من عدم تقديم أي تعرض خلال الآجال المحددة و من توافر جميع الشروط المطلوبة و يتأكد من صحتها ومن سلامة المسطرة التي تم إجراؤها فإنه يتخد قرار ا بالتحفيظ . ويعتبر قراره هذا نهاية لمرحلة . ليدخل العقار في إطار قانوني جديد و يكتسب بذلك مناعة ضد كل الإدعاءات و المطالب اللاحقة . وقرار تأسيس الرسم العقاري هو قرار نهـائي لا رجعة فيه . إذا كان هذا من حيث المبدأ العام فإن تأسيس الرسم العقاري في قانون الملكية المشتركة يتعين فيه على المعني بالأمر أو نائبه بعد حصوله على الوثائق المشار إليها أن يتقدم بطلب إلى المحافظ مرفقا بهذه الوثائق , وبرخصة البناء و بالتصميم المعمارية "بدون تغيير" و بنسخة الرسم العقاري , و يكون موضوع هذا الطلب وفقا للدورية 380 : -إجراء الإحداث بالرسم العقاري عند الاقتضاء - تقييد نظام الملكية المشتركة -تأسيس رسم عقاري لكل جزء مفرز مبين في نظام الملكية المشتركة -تأسيس رسم عقاري خاص في اسم مالك حق الانتفاع عند الاقتضاء ويقوم المحافظ على الملكية العقارية بفحص مطلب تأسيس الرسوم العقارية لكي يتأكد من صحة العمليات المنجزة , يضع على المطلب عبارة "صالح للأداء" ليتم أداء الواجبات حسب التعريفة القانونية و التي يتم تحديدها على أساس القيمة الكلية للعقار . ثم تسجيل المطلب بسجل الإيداع و بعد ذلك يقوم موظفو المحافظة العقارية تحت إشراف المحافظ بعملية إفراز الرسوم التي يعمل هذا الأخير على فحصها تم يؤشر عليها . وبذلك يتم تأسيس هذه الرسوم الفرعية لتقوم بوظيفتها باعتبارها الحالة المدنية بالنسبة للعقارات المسجلة به. وتتضمن هذه الرسوم العقارية الخاصة بالأجزاء المفرزة وفقا للمادة 56 من قانون الملكية المشتركة "...وصفا لها وبيانا لمساحتها و علوها ووصفا مختصرا للأجزاء المشتركة المرتبطة بها . ويشار فيها كذلك صراحة إلى البنود الأساسية لنظام الملكية المشتركة", على أن يتضمن الرسم العقاري الأصلي –طبقا للمادة 54 من نفس القانون " يشمل الرسم العقاري الأصلي على الأجزاء المشتركة بأرقامها المضمنة بنظام الملكية المشتركة و موقعها ومساحتها و عدد مستويات البناء المقسم و رقم الرسم العقاري المخصص لكل جزء مفرز . ويتم تقييد هذا الرسم العقاري الأصلي إذا صار لا يخص إلا الأجزاء المشتركة في اسم اتحاد الملاك -كما تنص على ذلك المادة 53 من نفس القانون – مباشرة بعد تأسيس الرسوم العقارية الخاصة بالأجزاء المفرزة . و يتم تسليم نظير له لاتحاد الملاك المشتركين (المادة 55 من نفس القانون). المبحث الثاني: الأحكام الخاصة في المرحلة اللاحقة لتأسيس الرسوم العقارية إن دراستنا للعمليات الواردة على العقار المحفظ في إطار نظام الملكية المشتركة تجعلنا نقف على أهم التصرفات التي تطاله (المطلب الأول) لنخصص الشكلية التي تفرغ فيها هذه العمليات (المطلب الثاني) المطلب الأول: التصرفات و العمليات الواردة على العقار تتمثل التصرفات و العمليات الواردة على العقار بعد تأسيس الرسوم العقارية في التقييد و الضم و التقسيم وأخيرا عمليات التشطيب و هاته العمليات سنتطرق لهل بنوع من التفصيل فيما يلي : فيما يخص عمليات التقييد فإن التصرفات المبرمة على المحلات و الشقق و العقارات الخاضعة لقانون 18.00 تحتاج لواجب إشهارها ليعلم بها الغير و خاصة المتعاملون في العقارات في حالة شرائها لذلك من الأفضل جعل هذا الغير على بينة من الوضعية الحالية لهذه العقارات فمثلا فيما يخص العقار المحفظ كان عبارة عن عمارة أو مجمع عقاري أو إقامة سكنية محفظة فإنه لا مناص من تحرير عقد بالتصرف المزمع إبرامه على هاته العقارات و كل حق عيني تم إبرامه على محل من العقارات الخاضعة لقانون 18.00 لا يعتد به إن لم يتم تحرير عقد به و طبقا للكيفية و الجهات المنصوص عليها في المادة 12 و يبقى تقييد الحقوق بالسجل العقاري يعطيها وجود قانوني بين الطرفين و حتى يمكن لصاحب الحق الاحتجاج بها في مواجهة الغير ابتداء من تاريخ تقييدها و من هنا يتبين أن مسألة العقود المبرمة على حق من الحقوق العينية على عقار محفظ لا يكفي بصددها تحرير عقود بها فقط بل لابد من تقييدها بالسجل العقاري و طبقا لمقتضيات قانون 18.00 فإنه يجب على كل المتعاملين في مجال العقارات المبنية و المشتركة ملكيتها التقيد بما ورد في المادة 52 من هذا القانون و هو واجب تحرير العقود التي يتم إبرامها على محلاتهم سواء كان العقار محفظ أم غير محفظ و يترتب عن التقييد طبقا للقواعد العامة المنصوص عليها في ظهير 12 غشت 19 المعدل بقانون 14.07 تطبيق مبدأ "أن للتقييد أثرا منشأ للحق العيني" كما تمت الإشارة سابقا على أن كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير إلا بتسجيله و ابتداء من يوم التسجيل في الرسم العقاري من طرف محافظ الأملاك العقارية (الفصل 66 من ظهير 12 غشت 1913) إذا كانت كل هاته الأحكام جاءت لتنظم عمليات التقييد في إطار قانون 18.00 فإن هذا الأخير جاء أيضا بأحكام خاصة بعمليات الضم في نظام الملكية المشتركة و ذلك طبقا للمادة 57 من القانون السالف الذكر بحيث نجد على أن هذه المادة نصت على أنه "يمكن للشخص الذي أصبح وحده مالكا لعدة أجزاء مفرزة أن يطلب ضمها في رسم عقاري واحد" فالمادة المذكورة قد نصت على حالتين الأولى تتعلق بعملية الضم التي تتم بناء على طلب أحد الملاك المشتركين و الذي يصبح مالكا لعدة أجزاء مفرزة , حيث يتم ضم الرسوم العقارية الخاصة بهذه الأجزاء بإسمه , مع بقائه عضوا في اتحاد الملاك الذي يستمر بوجود باقي الأجزاء المفرزة و الأجزاء المشتركة في إسم بقية الملاك المشتركين . أما الحالة الثانية فهي التي تنص عليها الفقرة الثانية من المادة اعلاه و التي يصبح فيها المالك المشترك مالكا لمجموع الأجزاء المفرزة , حيث ينقضي بذلك اتحاد الملاك , و لا تطرح هذه الحالة أي إشكال , بحيث تعد سببا لإنقضاء الملكية المشتركة للعقارات المبنية و تضم تبعا لذلك كل الرسوم العقارية الخاصة بهذه الأجزاء إلى الرسم الأصلي و الذي يقيد باسم هذا المالك الذي يصبح مالكا لمجموع العقار . فالبنسبة للحالة الأولى فهي تخضع للقواعد العامة المنظمة لعملية ضم الرسوم العقارية و ذلك طبقا للقرار الوزيري المتضمن للقواعد المتعلقة بتطبيق نظام التحفيظ العقاري و بالرجوع للفقرة الأولى من المادة 57 من قانون 18.00 يجب إعمال مقتضيات من خلال الفصلين 20 و 21 من القرار الوزيري المشار إليه سلفا . إذا كما يمكن ضم الأجزاء المفرزة حسب مقتضيات المادة 57من قانون 18.00 فإن المادة 58 من نفس القانون تجيز تقسيم الجزء المفرز في الملكية المشتركة لكن ذلك شريطة موافقة أغلبية ثلاثة أرباع أصوات الملاك , و يستفاد من هذه المادة بأن عملية تقسيم الجزء المفرز في الملكية المشتركة لا يقصد به التقسيم أو التعديل الداخلي الذي يمس إجراء تغييرات بداخل الشقة أو المحل الذي يملكه المالك المشترك كهدم جدار فاصل بين غرفتين مثلا , و لكن يعني تقسيم الجزء المفرز تقسيمه من الناحيتين المادية و القانونية إلى جزأين أو اجزاء مفرزة ناتج عن التقسيم برسم عقاري مستقل و بالإضافة لذلك فإنه من يقوم بعملية التقسيم هاته يتعين عليه بطبيعة الحال أن يتقيد بقوانين التعمير و التجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات و بالضوابط القانونية للبناء , و أن يحصل على الرخص القانونية المتطلبة في عملية البناء ( رخصة البناء , رخصة السكن , أو شهادة المطابقة ) و بعد الإشارة للتصرفات و العمليات الواردة على العقار بعد تأسيس الرسوم العقارية فإنه هناك تصرف آخر لا يقل أهمية عن سابقيه و هو التشطيب و الذي نظمته المادة 59 من قانون 18.00 و التي نصت على "إذا تهدم العقار الخاضع لأحكام هذا القانون كليا , يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية بناء على طلب من ذوي الحقوق شطب الرسوم العقارية الخاصة بالأجزاء المفرزة و تقييد الرسم العقاري الاصلي الخاص بالأجزاء المشتركة في إسم كافة الملاك بحسب النسب المبينة في نظام الملكية المشتركة , مع وجوب نقل الحقوق و التحملات المقيدة إلى الرسم العقاري الاصلي " و من هنا تتعلق عملية التشطيب هذه بالحالة التي يتهدم فيها العقار الخاضع لاحكام الملكية المشتركة للعقارات المبنية كليا , و يطبق المشرع في هذه المادة المبدأ الذي يقوم عليه التسجيل في إطار انظام التحفيظ العقاري , و يقضي بان الحق المسجل لا يزول و لا ينقطع أثره إلا بتشطيب قيده بالسجل العقاري , و في هذه الحالة يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية بناء على طلب ذوي الحقوق شطب الرسوم العقارية الخاصة بالأجزاء المفرزة , و يقيد الرسم العقاري الأصلي الخاص بالأجزاء المشتركة في إسم جميع الملاك بحسب النسب المبينة في ن.م.م لكن هذه المادة لم تبين كيفية تقديم مطلب التشطيب و من هنا يمكن تطبيق القواعد العامة لتشطيب التسجيل طبقا للمادة 93 من ظهير 12 غشت 1913 المعدل بمقتضى قانون 14.07 و بناء على الفصل 91 من قانون 14.07 المعدل لظهير 12 غشت 1913 يمكن أن يقع هذا التشطيب بمقتضى كل عقد أو حكم مكتسب لقوة الشيئ المقضي به . و يبقى أهم اثر للتشطيب هو زوال الحق المقيد و انقضاؤه مما أقرنه المشرع بمبررات تسمح بهذا التشطيب و من بينها أن المحافظ على الأملاك العقارية لا يمكنه القيام بعملية التشطيب إلا إذا كان يستند على وثائق تسمح بذلك. و أخيرا و نظرا لأهمية كل هاته العمليات و التصرفات الواردة على العقار بعد تأسيس الرسوم العقارية فإنه لا يمكن معه تصور أن تخلق معه نوعا من الإطمئنان لدى المتعاملين و كذلك نجاعتها في تحديد الإلتزامات و وضوحها و دقتها إلا بتحرير كل العمليات المتعلقة بالملكية المشتركة في عقود و محررات رسمية و هو ما سنخلص إليه في المطلب الآتي . المطلب الثاني: تحرير العقود في قانون الملكية المشتركة تكتسي عملية تحرير العقود المتعلقة بالتصرفات العقارية أهمية بالغة بالنظر لدورها في إثبات تلك التصرفات , و لكونها تشكل أداة لتيسير التداول العقاري . غير أن نجاح هذه العملية رهين بمدى ضمانها باستقرار المعاملات , و نجاعتها بتحديد الالتزامات و وضوحها و دقتها و في مساهمتها المباشرة في خلق الاطمئنان عند ولوج ميدان الاستثمارات العقارية و بالرجوع إلى القانون المدني الفرنسي فنجده يتبنى مبدئيا حرية الاختيار في المحرر العرفي و المحرر الرسمي لكن هذا المبدأ يعرف قيودا خصوصا في العقود المبرمة و التي يحميها القانون كما هو الحال في بيع العقار من أجل البناء . أما بالنسبة للقانون المغربي فإنه من أهم الأمور المستجدة هي ما جاءت به المادة 12 من قانون 18.00المعدل بقانون 106.12المتعلق بوجوب تحرير جميع التصرفات الهادفة لنقل الملكية المشتركة و إنشاء حقوق عينية عليها أو نقلها أو تعديلها أو إسقاطها , و بهذه المادة تم الحسم في أمر تحرير العقود المبرمة المبنية و أصبح هذا التحرير بقوة القانون و بهذا تم تجاوز كل ما يمكن أن يثير الاضطراب في المعاملات الواردة على طبقات أو محلات أو شقق في عقارات مشتركة الملكية بحيث كان العقد عادة ما يبرم من قبل الكتاب العموميون الذي يتميزون حسب الأستاذ عبد الحق صافي بتدني مستواهم الثقافي و عدم إلمامهم بقواعد اللغتين العربية و الفرنسية التي تحرر بها العقود عادة . و جهلهم بالمعلومات القانونية خصوصا تلك المتعلقة بالملكية المشتركة تلافيا لهذه الوضعية الشاذة قرر المشرع في المادة المذكورة أن يتعين تحرير التصرفات القانونية الواردة على محل في عقار مشترك من قبل أشخاص يمتهنون كتابة العقود الرسمية أو يتوفرون على تكوين قانوني يمكنهم من النهوض بهذه المهنة على أحسن وجه و للإشارة فقد أثير تحفظ في مجلس النواب يتعلق بكون هذه المادة تكرس مبدأ احتكار المهن عوض تكريس مبدأ حرية اختيار أسلوب و حرية التعاقد مادام العقد شريعة المتعاقدين , و القانون يتعين أن يكون أداة لتنمية . و ليس أداة لعرقلتها . كما أن هذا التمييز غير مبرر و لا يقوم على أي أساس منطقي فالمحامون حسب المادة 30 من القانون المنظم لمهنة المحاماة لهم صلاحية تحرير العقود العرفية كيف ما كان نوعها بدون تخصيص وهذا تعارض صريح و صارخ مع المادة 12 و لكن موجة التعديلات التي أصدرها المشرع أزالت اللبس و الغموض الذي كان يكتنف هذه النصوص حيث تم نسخ القانون المتعلق بمهنة المحاماة كما وقع تعديله بمقتضى المادة 103 من القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة حيث نصت المادة الأولى منه على ما يتماشى مع مضمون المادة 12 خصوصا بالنسبة للأشخاص المؤهلون لتحرير المحررات المتعلقة بالملكية المشتركة و التصرفات القانونية التي تندرج ضمن نطاق تطبيق هذا التحرير حيث عددت المادة المذكورة التصرفات الواردة على محل في عقار مشترك و التي يتعين تحريرها كتابة من طرف مختصين قانونا و هي العقود المتعلقة بالتفويت سواء كان ذلك بمقابل كالبيع و المقايض أو بدون مقابل كالهبة و الصدقة و الحبس ثم جميع العقود المتعلقة بتقرير حقوق عينية على محل أو شقة يستوي أن تكون هذه الحقوق أصلية (حق الانتفاع , حق السطحية ) أو حقوق تبعية (الرهن الرسمي , الرهن الحيازي ) ثم جميع العقود المتعلقة بتفويت هذه الحقوق العينية و تعديلها أو إسقاطها و بذلك يكون المشرع قد استبعد من نطاق تطبيق هذه المادة بعض المعاملات الواردة على محلات في عقار مشترك الملكية و التي يمكن تحريرها من قبل غير الموثقين و المهنيين المؤهلين قانونا لكتابة العقود السالفة و المتعلق هنا خصوصا بالاتفاقات و الأعمال الإرادية التي يترتب مجرد التزامات شخصية و على خلاف هذا الأمر فإن المشرع ألزم المتعاملون في نطاق الملكية المشتركة أن يوثقوا تصرفاتهم و ذلك في الشكل الذي يحدده القانون و عليه فالمحرر الرسمي هو ما يتلقاه الموظفون العموميون الذين يخول لهم القانون مهمة التوثيق 1. الموثقون العصريون وفقا لظهير 4 ماي 1925 المنظم لمهنة التوثيق العصري الذين يختصون بإبرام التصرفات القانونية المتعلقة بالعقار المحفظ و العقار في طور التحفيظ 2. العدول وفقا لقانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة و الذين يعدون مؤهلين لإبرام كل التصرفات القانونية المتعلقة بالعقارات المحفظة و غير المحفظة و لا تطرح المحررات الرسمية المبرمة من هاذين الصنفين أعلاه أي مشكل فهي تخضع للقوانين المنظمة لهاتين المهنتين 3. القضاء , و ذلك فيما يتعلق بأحكام النهائية الصادرة منه المتعلقة بالبيع الجبري للشقق و الطبقات و المحلات 4. الإدارات المحلية : و ذلك كما توضحه مذكرة الدورية العامة للوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية فيما يخص محاضر الاتفاق بالتراضي المنجزة في إطار الفصل 42 من القانون 81.07 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة و بالرجوع إلى المادة 12 التي تشكل أساس البحث في مطلبنا نجدها في فقرتها تنص على المحرر الرسمي , و المحرر ثابت التاريخ الذي يتم تحريره من طرف مهني ينتمي إلى مهنة قانونية و منظمة يخولها قانونها تحرير العقود تم تضيف في فقرتها الثانية بأنه يحدد وزير العدل سنويا لائحة بأسماء المهنيين المقبولين لتحرير العقود الرسمية وفقا لنصوص القانون . و بالتالي فلا علاقة لها باللائحة التي يحددها وزير العدل سنويا لتحرير هذه العقود , التي تعني محرري العقود العرفية و من خلال الفقرة الأولى من المادة 12 أعلاه يتبين أن المشرع يشترط شرطين في الشخص المؤهل لتحرير المحرر ثابت التاريخ و هما : - أن ينتمي إلى مهنة قانونية و منظمة - أن ينتمي إلى مهنة يخولها قانونها تحرير العقود و تطبيقا لهذين الشرطين فكل المهن القانونية التي يخولها القانون تحرير هذه العقود يمكنها ممارسة هذه الشكلية و في هذا الصدد نذكر : أ. مهنة المحاماة تم تنظيمها في القانون المعدل رقم 28.08 ب. مهنة وكلاء الأعمال التي ينظمها الظهير الصادر في 12 يناير 1945و هي تضم حسب المادة الأولى من هذا الظهير عدة مهن لكن إن الشرطين السالفين الذكر لا يكفيان للقول بأن الشخص الذي يتوفران فيه مؤهل لتصريف المحررات ثابتة التاريخ , و ذلك أنه يتعين أن يتم تقييده ضمن لائحة سنوية محددة من قبل وزير العدل حماية لمصالح طرفي المعاملة . و بخصوص هذا الشرط حيث نجد بأن المشرع ميز بين الأشخاص الذين يتم قيدهم بهذه اللائحة بقوة القانون دون إلزامهم بالشروط التي يحددها النص التنظيمي , و الأشخاص الذين يقيدون بناء على الشروط المحددة في ذلك النص التنظيمي . فأما الصنف الأول فهم المحامون المقبولون للترافع أمام محكمة النقض كما نصت على ذلك المادة 12 المعدلة بمقتضى قانون 106.12 و الصنف الثاني فهم الذين يحددهم نص تنظيمي مشترك بقرار لوزير العدل و وزير الفلاحة و الصيد البحري و الوزير المنتدب لدى الوزير المكلف بالإسكان و التعمير لائحة المهنيين القانونيين و المنظمة الأخرى و شروط تقييد أعضائها في اللائحة الأساسية المحددة سنويا. غير أن ما يمكن ملاحظته على هذه اللائحة هو تأخرها عن الصدور لتغيب بذلك القيمة العملية و القانونية لهذه الفصول و بالتالي يكون إفراغ هذه العقود في الشكلية المتطلبة قانونا حكرا على جهات معينة مما يؤدي للعزوف أو بالأحرى التحايل . 

 خـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاتمة

 

حاولنا على امتداد هذا العرض ملامسة الأحكام الخاصة المتعلقة بالملكية المشتركة و التي يلعب فيها العقار المحفظ أدوار طلائعية خاصة و أن هذا الأخير أصبح رافعة لتنمية و ضمانة أساسية للمبادرة الخلاقة التي تهدف إلى تطوير الاقتصاد . و أخيرا و ليس آخرا فإن نجاح تطبيق هذا القانون , الذي يعد مكسبا لكافة الشرائح الاجتماعية و خاصة ذوي الدخل المحدود اللذين ينضوون تحت لواء السكن الاقتصادي , يتوقف على إشاعة ثقافة التفاهم و الحوار لتنجب النزاعات التي تصل بالأشخاص إلى ردهات المحاكم و التي تصعب مهمة الوكيل في ممارسة مهامه .